الخلطه الامريكية بعد الانتخابات البنانية

تتسارع المتغيرات الاقليمية والدولية من حولنا، فيما يبدو لبنان مستغرقا في التحضير لانتخابات نيابية، ستتم على رصيف الاصطفافات الجديدة
بما يجعلها تلقائيا تفقد شيئا من وظيفتها ونكهتها، باعتبار ان ما يجري من خلط للاوراق سيساهم في تلطيف «رياحها»، وبالتالي سيخفف من كونها معركة «يا قاتل يا مقتول» بين خيارين او مشروعين لهما امتدادهما الخارجي، لتصبح أقرب الى جولة إضافية في مباراة مُدد وقتها.

وأغلب الظن، ان العديد من القوى السياسية اللبنانية التي تستعد لخوض الانتخابات على قاعدة التهديد بالويل والثبور وعظائم الامور، وترى كل شيء من ثقب صندوق الاقتراع، ستستفيق في الثامن من حزيران على حقيقة ان العالم يتغير وأن مواصفات حقبة ما بعد العملية الانتخابية ستكون محكومة بالمعايير المستجدة للعلاقات بين مراكز القوى الاقليمة والدولية، إضافة الى معايير التركيبة الداخلية المعقدة.

وليس خافيا ان النائب وليد جنبلاط هو الاكثر قدرة ضمن فريقه على قراءة الحقائق الجديدة الآخذة في التشكل والتعاطي معها بما تقتضيه من واقعية سياسية، تجعله يضع الانتخابات في إطارها الطبيعي، البعيد عن المبالغات، آخذا على بعض حلفائه تباطؤهم في التقاط دلالات المتغيرات وتفسيرها. ولعل أبلغ تعبير عن المزاج الجنبلاطي هذه الايام، يكمن في النكتة التي حبكت مع زعيم المختارة بعدما اطلع على رسالة اوباما الى الجمهورية الاسلامية، إذ قال للمحيطين به وهو يضحك: ربما سيكون علينا لاحقا ان نطلب من جيفري فيلتمان ان يتوسط مع المعارضة لضمنا الى المحور الأميركي ـ الإيراني!

ولئن كان الوقت الفاصل عن موعد الانتخابات لم يعد يسمح بتحولات جذرية في المواقع الداخلية، إلا ان الارجح ان تعديلات جوهرية ستطرأ على المعادلات الراهنة ـ خصوصا لجهة تموضع أطراف في 14 آذار ـ مع إقفال صناديق الاقتراع وتحرر البعض من قيود التحالفات الاضطرارية. وليس صعبا الاستنتاج ان جنبلاط قدم حتى الآن أكثر من إشارة في هذا المنحى، بدءا من إصراره المتكرر على استحضار ثوابت العروبة وفلسطين في خطابه السياسي، مرورا بحنينه المتجدد الى اليسار وخصوصا في مفاهيمه الاجتماعية والاقتصادية، وصولا الى تفهم ضرورات الإبقاء على سلاح المقاومة في انتظار نضوج الظرف الاقليمي والدولي المؤاتي لإدراجه ضمن الدولة.

وامتدادا لهذا السياق، ترى إحدى الشخصيات الفاعلة في قوى 14 آذار ان كل الاطراف باتت بحاجة الى إجراء مراجعة شاملة لسلوكها ومواقفها، ولكن لم يعد هناك متسع من الوقت لإتمامها قبيل الانتخابات، وبالتالي فإن الجميع أصبحوا محشورين الآن في زوايا طروحاتهم السابقة، ولن يكون بإمكانهم مغادرتها أو القيام بإعادة انتشار سياسي إلا بعد السابع من حزيران المقبل.

وبهذا المعنى، هناك في المعارضة والموالاة من يدعو الى عدم الذهاب بعيدا في الاستنتاجات او الافتراضات «الملبننة» المستوحاة من رسالة الرئيس الاميركي باراك أوباما الى إيران، من دون تجاهل أهمية هذه الرسالة ودلالاتها التي تعكس منحى مختلفا لدى الادارة الاميركية الجديدة في مقاربة الملفات الساخنة.

وعليه، لا توقعات بأن يُترجم الانفتاح الاميركي على طهران تبدلات دراماتيكة سريعة في معطيات الساحة اللبنانية، في المدى القريب، وإن يكن سيرخي بظلاله على هذه الساحة. وهذا «التحفظ» يعود بالدرجة الاولى الى كونه من السابق لأوانه أصلا تصنيف مبادرة أوباما تجاه إيران في خانة «التحولات».
صحيح انها خطوة مهمة، غير مسبوقة، ترمز الى الإقرار بمكانة الجمهورية الاسلامية بين دول العالم بعدما كانت مطلوبة لـ«العدالة الاميركية»، إلا انه من المبكر الافتراض انها تعبر عن اعتراف بمصالح ايران الاستراتيجية، من الملف النووي الى الدور الاقليمي.
هي رسالة «حسن نية» قد تساهم في التأسيس لحوار صعب بين واشنطن وطهران، ولكنها لا تجعل الحوار حتميا، ولا تقدم ضمانات بنجاحه إذا حصل، وبالتالي فإن ورشة إعادة ترميم العلاقة بين إيران والولايات المتحدة ما تزال في بداياتها، ولا يجب الاستعجال في البناء عليها.

توافق اوساط قيادية في المعارضة على هذه المقاربة، لافتة الانتباه الى ان أوباما لم يقدم بعد أي تنازل جوهري يتصل بجوهر السياسات التي كان يتبعها الرئيس السابق جورج بوش، مع إشارتها الى وجوب عدم التقليل من أهمية مبادرة اوباما التي تستبدل «الحروب الاستباقية» بإعطاء فرص للحوار، وهذا تعديل بارز في الوسيلة، برغم ان الاهداف قد لا تكون تغيرت.

وتبدي هذه الاوساط اعتقادها بأن البعض في فريق 14 آذار تقلقه حتى إمكانية مد جسور الاتصال بين واشنطن وطهران، ويتمنى ان تُقطع مجددا.

على خط مواز، تعتبر مصادر فاعلة في 14 آذار ان لا مبرر للمبالغة في إسقاط معاني رسالة أوباما على الوضع اللبناني. وأشارت الى ان الادارة الاميركية الجديدة لم تتراجع، أقله لغاية اليوم، الى ما دون السقف الاستراتيجي الذي كان قد رسمه الرئيس بوش . فالثوابت ما تزال نفسها، والتبدل الوحيد الحاصل هو على مستوى الاسلوب، وربما يكون السيد خامنئي هو الوحيد الذي استوعب ذلك جيدا، كما يوحي رده على الرسالة.

اين الثوابت الوطينه التى ينعقون بها ..غيرت امريكا سياستها
سارعوا الى التغيير..امريكا ليس لها صاحب سرعان ما تنقلب
على حلفائها فلننتظر ونرى ما تتمخص عنه الانتخابات اللبنانيه
وسنري كيف تتغير خطبهم ..ام جنبلاط فهذا حربايه تتلون حسب الظرف
شووووكرن اخي على الخلطه الخطيره

» تصريحات عميدة الصحافة الامريكية البنانية الاصل السيدة هيلين توماس
» منظمة تموز لمراقبة الانتخابات تؤكد تصدر دولة القانون والائتلاف الوطني لنتائج الانتخابات في ذي قار
» الانتخابات اللبنانية
» المفوضية تعلن نتائج الانتخابات
» شطب صالح المطلك وحزبه من الانتخابات العراقية