الإسكيميا و تخثر الدم
أ- تمهيد :
لا بد قبل البدء ببحث موضوع تجلط الدم و الاسكيميا أن نعرف و نشرح بعض المصطلحات التي سيكثر تكرارها و هي كالتالي : - الخثرة thrombus : و يقصد به الجلطة الدموية - التخثر thrombosis : و يقصد به تكون أو وجود خثرة - عامل مخثر thrombogenic : التسبب بتخثر الدم أو التجلط - سدادة embolus : و هي جلطة متنقلة - thromboembolism : سدادة منفصلة عن خثرة - الانكسار fracture : و هو سدادة دهنية - القسطرة catheter : و هي سدادة هوائية - تحلل الخثرة thrombolysis : و هو ذوبان الخثرة - thrombophlebitis : و هو التهاب وريدي مصحوب بوجود أو تكون خثرة - الإسكيميا ischaemia : و هو دوران الدم بصورة غير كافية في الجهاز الدوري و تتعدد أنواع الإسكيميا فمنها ما يصيب عضلة القلب و منها ما يصيب المخ cerebral ischaemia - الاحتشاء infarction : و هو مرض ناتج عن الإسكيميا و هو عبارة عن موت موضعي يحل بالنسيج الحي بسبب نقص في الأكسجين الناتج عن قصور التزويد بالدم (الإسكيميا) .
ب- الإرقاء (وقف النزيف الدموي) :
الإرقاء هو ردة فعل الجسم تجاه الجروح و الإصابات حيث يسعى إلى إيقاف نزيف هذه الجروح و إغلاقها ، و يتم الإرقاء haemostasis خلال مرحلتين : - إرقاء أولي : و هو اسم يعطى لعملية تكوين كتلة كثيفة من الصفائح الدموية في مواقع الإصابات و الجروح ، و تظهر هذه العملية خلال ثواني معدودة بعد حدوث الإصابة أو الجرح و يعد ذا أهمية أولية في إيقاف النزيف الدموي - إرقاء ثانوي coagulation : و هو عبارة عن التفاعلات الداخلة في نظام تجلط بلازما الدم و الذي ينتج عن تكوين مادة الفايبرن fibrin ، و هذه المرحلة تستغرق عدة دقائق . فإذا حصل خلل في عملية الإرقاء يكون الإنسان معرضا لخطر الإصابة بالتخثر الدموي و الجلطات الدموية ، لكن هنالك بعض العوامل التي تجعل الإنسان ميالا لتكوين الجلطات الدموية حتى لو لم يكن لديه خلل في عملية الإرقاء منها : 1- بقاء المريض لفترة طويلة دون حركة كما في الرحلات الطويلة على الطائرة و في حالة المرضى الذين أجريت لهم جراحة . 2- فشل القلب الاحتقاني المزمن . 3- مرض تصلب الشرايين الوعائي . 4- السرطان الخبيث . 5- الحمل .
ج- تصنيف الأمراض المرتبطة بتجلط الدم :
تصنف هذه الأمراض على أساس الأعراض و العلامات ، و بالتالي لدينا نوعان من الجلطات : 1- جلطات الشرايين : و علامتها الألم و الشحوب و اختفاء النبض
مثلا : أحد أعراض جلطات الشريان التاجي ألم الصدر ، و علامته الاختلال الوظيفي القلبي .
2- جلطات الأوردة : و تظهر في الأوردة العميقة و السطحية و يصحبها التهاب في جدران الأوعية الدموية .
د- الإسكيميا و تخثر الدم :
سبق أن عرفنا الإسكيميا بأنها دوران الدم بصورة غير كافية في الجسم مما ينتج عنه نقص في تلبية حاجات الجسم من الأكسجين ، و بقي أن نضيف بأن ذلك يقود إلى تخثر الدم في مناطق الإسكيميا ، فإذا كانت الإسكيميا في عضلة القلب تنتج عن تخثر الدم في الأوعية التاجية ، و إذا كانت الإسكيميا في الدماغ تنتج عن تخثر الدم في الشريان السباتي carotid vessels ، و إن كانت الإسكيميا في الأمعاء mesentric ischaemia تنتج عن تخثر الدم في الأوعية المعوية mesentric vessels . عادة ما تكون الجلطة الدموية مرضا ناتجا عن تصلب الشرايين و تتخذ الجلطة أو الخثرة الدموية مراحل متعددة كي تتكون و هي ما يسمى بتولد أو نشوء المرض pathogenesis و هذه المراحل باختصار هي : 1- تدمر الطبقة المبطنة للأوعية الدموية endothelium 2- تراكم المواد الدهنية في البطانة المدمرة و هو الركام هو ما يسمى بـ plaque 3- في هذه المرحلة يتمزق الركام 4- تكون الجلطة الدموية ( ثابتة و غير ثابتة ) 5- ذبحة صدرية غير ثابتة و احتشاء عضلة القلب ( سوف يتم شرح أنواع الذبحات الصدرية بالتفصيل لاحقا) 6- نوبات إسكيمية عابرة
هـ- الاضطرابات المرتبطة بالجلطة الدموية : و ترجع إلى عدة أسباب رئيسية :
أسباب موروثة :
1- عامل ليدين V ( V leiden ) : و هو عبارة عن اختلافات (طفرات) وراثية تحصل في العامل V ينتج عنه ارتفاع في مستوى التجلط hypercoagulability disorder .، ففي هذا الخلل لا يمكن تثبيط نشاط عامل ليدين باستخادم بروتين C النشط ، و هذا يعتبر أكثر الاضطرابات الوراثية شيوعا بين ذوي الأصول الأوربية الآسيوية ، و قد سمي بعامل ليدين نسبة إلى منطقة Leiden في هولندا حيث تم اكتشافه . 2- نقصان مضاد الثرومبين 3 (antithrombin 3) 3- نقصان بروتين c 4- نقصان بروتين s
أسباب مكتسبة :
1- lupus anticoagulant : و هو جسم مضاد لوحظ للمرة الأولى في المرضى الذي لديهم مرض الذئبة lupus أو مرض lupus erythematosus و له القدرة على إيقاف تجلط الدم . 2- السرطان الخبيث 3- داء البول السكري 4- العلاج بهرمون الإستروجين * حالات فيسيولوجية : 1- السمنة 2- الحمل 3- الشيخوخة 4- إعاقة الحركة * خلل في تحلل الجلطات الدموية و ذوبانها يرجع سببه إلى : 1- نقصان مادة البلازمينوجين 2- خلل في مستوى الفايبرينوجين في الدم dysfibrenogenaemia
هـ- ثلاثية فيركو Virchow's Triad عام 1856 :
قام فيركو عام 1856 بدراسة و شرح أسباب حصول الـ pulmonary thromboembolism حيث تظهر الجلطات الدموية في الأوردة ، فقد قام virchow بالتلميح إلى العديد من العوامل المسهمة في تكوين الجلطات الوريدية venous thrombosis و بعد اتساع المعرفة حول تلك العوامل تم ظهور ما يسمى بثلاثية فيركو في عالم الطب و هذه الثلاثية تتكون مما يلي : 1- الركود stasis و هي حالة مرضية من توقف التدفق الطبيعي للدم خلال الأوعية الدموية ، و يحدث بسبب : 1- الانقباض الشرياني . 2- الاختلال الوظيفي في بطين القلب الأيسر الناتج عن الفشل القلبي الاحتقاني أو احتشاء عضلة القلب MI . 3- عدم الحركة كما فيما بعد الجراحة أو في الرحلات السفرية الطويلة أو الشلل . 4- انسداد الأوردة الناتج عن السمنة أو الحمل أو الأورام الخبيثة . 2- الإصابات و الجروح الحاصلة لجدران الأوعية الدموية ، و تحدث بسبب : 1- الجراحة أو الرضوض . 2- انثقاب الأوردة . 3- الإثارة الكيميائية : و تحدث في بعض حالات إعطاء كلوريد البوتاسيوم أو إعطاء الفينومايسن vanomycin عن طريق الوريد بصورة خاطئة . 4- احتشاء عضلة القلب MI . 5- السدادات الهوائية . 6- مرض الصمامات القلبية أو استبدالها . 7- مرض تصلب الشرايين . 3- التجلط النشط بصورة غير طبيعية ، و يحدث بسبب : 1- الحمل . 2- السرطان الخبيث . 4- العلاج بهرمون الإستروجين . 5- الرضوض و الجراحة في الأطراف السفلى و الورك و العانة و البطن . 6- التهاب الأمعاء . 7- المتلازمة النفرونية nephrotic syndrome 8- نقص بروتين c أو s 9- الأنيميا المنجلية 10- تعفن الدم sepsis : و هو اسم يطلق على وجود كائن مسبب أو مولد للمرض أو وجود سمومه في الأنسجة و الحالة الناتجة عن ذلك .
هـ- العلاج :
هنالك نوعان من العلاج لمشاكل تجلط الدم و تخثره و هي : 1- مضادات التجلط anticoagulant drugs : - الهيبارين heparin : و هو من أشهره أنواع مضادات التجلط ، و يعطى للمرضى عن طريق الحقن ، و له معدل علاجي ضيق (نافذة علاجية ضيقة) 2- الهيبارين منخفض الوزن الجزيئي Low molecular weight heparin : و يصنع من الهيبارين القياسي غير المجزأ ، تقوم الأجزاء القصيرة من LMWH بتحفيز عملية تثبيط العامل 5أ factor Xa عن طريق مضاد الثرومبين ، و من مضاعفات استخدام هذا الدواء : * نزيف : و يمكن وقف النزيف عن طريق استخدام دواء يسمى protamine sulfate و من الجدير بالذكر أن هذا الدواء يعمل بتأثير مضاد للهيبارين على أساس الجرعة فإذا أعطي للمريض بجرعات كبيرة انعكس مفعوله إلى العكس تماما و صار له نفس تأثير الهيبارين أي مضاد للتجلط . * نقص غير طبيعي في الصفائح الدموية thrombocytopenia و تخثر دموي . 3- الوورفرين warfarin : و العلاج بهذا الدواء يأتي لاحقا للعلاج بالهيبارين و هو غالبا ما يكون شرابا ، و هنالك العديد من التفاصيل التي سنذكرها لاحقا بالتفصيل حول هذا الدواء . 1- محللات الجلطات thrombolytics : و من الأمثلة على هذه العائلة من الأدوية streptokinase, urokinase, alteplase . و اعلم أن الألتيبليس alteplase هو عبارة عن منشط لمادة البلازمينوجين plasminogen الموجودة في الأنسجة ، و تنشيط هذه المادة غير النشطة و تحويلها إلى شكلها النشط (البلازمين plasmin) ينتج عنه تحلل لمادة الفايبرن fibrin التي لها دور هام في تكوين الجلطة الدموية . 4- الأسبرين aspirin : و سيبحث مفصلا لاحقا . 5- الكلوبيدوكريل Clopidogrel و التايكلوبايدين ticlopidine : ميكيانية عمل هذا الدواء ستبحث مفصلا لاحقا ، من الجدير بالذكر أن جرعة التحميل ضرورية عند استخدام هذا الدواء إن أريد الحصول على فعالية سريعة ، و يستمر تأثيره المضاد للصفائح الدموية فترة 8 إلى 10 أيام بعد التوقف عن استخدام الدواء .