خطبة السيدة زينب عليها السلام
اللهم صلي على محمد و آل محمد
في مثل هذه الأيام و صل موكب السبايل من بيت آل محمد عليهم السلام إلى الشام
إلى مجلس يزيد الفسق و الفجور لعنة الله عليه و على من تبعه و قد حاول النيل من آل البيت و الشماتة بهم لما فعله معتدا بنفسه و بآبائه ليظهر لنا مدى الحقد الدفين على آل البيت منذ فجر الإسلام و لكن سيدتنا عقيلة آل البيت عليهم السلام زينب بنت علي بن أبي طالب عليهما السلام تصدت له و هذه خطبتها في مجلسه لعنة الله عليه :
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله أجمعين، صدق الله كذلك يقول:
(ثم كان عاقبة الذين أساؤا السؤى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤون)
أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نساق
كما تساق الإماء أن بنا على الله هواناً، وبك عليه كرامة . وأن ذلك لعظيم
خطرك عنده . فشمخت بأنفك ونظرت في عطفك جذلاً مسروراً،حين رأيت
الدنيا لك مستوسقة، والأمور متسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا، فمهلاً
مهلاً، أنسيت قول الله عزوجل: (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير
لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين)
أمن العدل يا بن الطلقاء تخديرك إماءك ونساءك وسوقك بنات رسول الله
سبايا . قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، تحدو بهن الأعداء من بلد
إلى بلد، ويستشرفهن أهل المنازل والمناهل ويتصفح وجوههن القريب
والبعيد، والدني والشريف، ليس معهن من رجالهن ولي، ولا من حماتهن
حمي . وكيف ترتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء، ونبت لحمه بدماء
الشهداء؟ وكيف يستظل في ظلمنا أهل البيت من نظر إلينا بالشنف والشنآن
والإحن والأضغان؟ ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم:
فأهلوا واستهلوا فرحاً * * * ثم قالوا: يا يزيد لا تشل .
منتحياً على ثنايا أبي عبد الله عليه السلام سيد شباب أهل الجنة تنكتها
بمخصرتك . وكيف لا تقول ذلك، وقد نكأت القرحة ، واستأصلت الشأفة
بإراقتك دماء ذرية محمد صلى الله عليه وآله ونجوم الأرض من آل عبد
المطلب؟ وتهتف بأشياخك، زعمت أنك تناديهم . فلتردن وشيكاً موردهم
ولتودن أنك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت.اللهم خذ
بحقنا، وانتقم ممن ظلمنا، واحلل غضبك بمن سفك دماءنا وقتل حماتنا
فوالله ما فريت إلا جلدك ، ولاحززت إلا لحمك، ولتردن على رسول الله
صلى الله عليه وآله بما تحملت من سفك دماء ذريته، وانتهكت من
حرمته في عترته ولحمته، وحيث يجمع الله شملهم ويلم شعثهم ويأخذ
بحقهم (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم
يرزقون) . وحسبك بالله حاكماً، وبمحمد صلى الله عليه وآله خصيماً
وبجبرئيل ظهيراً، وسيعلم من سول لك ومكنك من رقاب المسلمين، بئس
للظالمين بدلاً وأيكم شر مكاناً وأضعف جنداً. ولئن جرت علي الدواهي
مخاطبتك، أني لأستصغر قدرك، وأستعظم تقريعك، واستكثر توبيخك،
لكن العيون عبرى، والصدور حرى. ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب
الله النجباءبحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الأيدي تنضح من دمائنا
والأفواه تتحلب من لحومنا، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تتناهبها
العواسل وتعفوها أمهات الفراعل، ولئن أتخذتنا مغنماً لتجدنا وشيكاً
مغرماً، حين لا تجد إلا ما قدمت يداك، وما ربك بظلام للعبيد، فإلى
الله المشتكى، وعليه المعول. فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك
فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا، ولا ترحض عنك
عارها. وهل رأيك إلا فندا، وأيامك إلا عددا، وجمعك إلا بددا، يوم ينادي
المنادي: ألا لعنة الله على الظالمين. فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة
والمغفرة، ولآخرنا بالشهادة والرحمة. ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب
ويوجب لهم المزيد، ويحسن علينا الخلافة، إنه رحيم ودود، وحسبنا الله
ونعم الوكيل.
السلام عليك يا زينب الكبرى