في الرابع من شهر مايو 2009 يكمل الرئيس مبارك عامه الأول بعد الثمانين , ويكمل معه الشعب مسيرة الكفاح التي بدأت منذ 28 عاما ً تقريبا ً هي فترة حكم الرئيس , والتي مرت مصر خلالها بمنعطفات و تحديات سياسية عديدة .. لعل أخطرها ما مررنا به في السنوات العشر الأخيرة من تدهور وتردي في أحوال المصريين الذين ضاقت بهم السبل نحو واقع سياسي واقتصادي واجتماعي أفضل .
والحق يا سيادة الرئيس أن الحياة السياسية في مصر - إن جاز أن نطلق عليها - لعبة لم نعد نفهم قواعدها أو القوانين التي تحكمها , فالقاصي والداني يعرف أن لكل الألعاب حيز زمني معين تستغرقه ... أو تنتهي بتحقيق إنجاز محدد ... أو كلاهما معاً في بعض الألعاب , ولكن اللعبة السياسية في مصر تختلف , فهي غير مرتبطة بزمن أو بتحقيق برنامج ومشروعات سياسية محددة.
فلقد امتدت فترة الرئيس مبارك امتداد حياته - أطالها الله عليه بالصحة - بلا أي جدول زمني محدد لتحقيق انجازات أو أهداف استراتيجية , و حتى البرنامج الانتخابي الذي أعلنه عام 2005 لم يتحقق منه الشيء الكثير بدليل حالة الغضب الشعبية التي اجتاحت قطاعات الشعب المختلفة ... ولم يبقى إلإ أن نرى مجلس الوزراء يقوم بالاعتصام والإضراب هو الآخر , وهو أمر متوقع في ظل تضييق الخناق على الوزراء من خلال طلبات المواطنين و نوابهم بمجلس الشعب ومن جهة أخرى الضغوط و الافكار الرهيبة التي تمليها و تمارسها أمانة السياسات بالحزب الوطني ــ برئاسة جمال مبارك ــ لتمرير القوانين والقرارات التي تخدم مصالحهم الشخصية دون أدني مراعاة لمصلحة المصريين البسطاء .
وبمناسبة عيد ميلادك يا سيادة الرئيس نعيد عليك نصيحة العديد من المخلصين والشرفاء في مصر بأن تستريح بعد هذه المسيرة الكبيرة وألا تخشى على البلاد من ضياع الاستقرار , وهي قناعتك و رؤيتك التي يختلف عليها كثير من الناس و هناك الكثيرين أيضا ممن يرون أن مصرنا لا تنعم بالاستقرار الحقيقي ... و بالرغم مما مر عليها من نكسات و هزائم و عانت في بعض مراحل تاريخها من ضعف و وهن الا أنها أبدا لم تموت .. بل خرجت من كل ذلك شامخة .. عظيمة و قوية , و تخطته بفضل أبنائها المخلصين على مر العصور و ما نعانيه في هذه المرحلة هو حالة سبات ونوم عميق - بعيدا عن نهضة وصحوة وطنية حقيقية - جعلتكم تحكمون بلا محاسبة أو رقابة أو مساءلة .
و نحن على يقين بأن التغيير الذي يشهده العالم في مختلف البلدان ... والتحول إلى الديمقراطية ... واعتلاء الشباب المكافح و المستحق للمناصب القيادية في النظم السياسية ... ستهب رياحه على مصر في القريب وستأخذ الأجيال والفئات المحرومة والمهمشة حقها في صناعة مستقبلها بأيديها وتقرير مصيرها بنفسها بعيداً عن المنتفعين و المنافقين الذين اصبحنا نراهم كل يوم يدورون في فلك النظام الحالي .
اجعل يا سيادة الرئيس هذا العيد مختلفاًً ... اغمض عينيك و أنت تطفئ الشموع متأملا حال مصر ....... و تخيل كيف سيتغير وجه الملايين من التعساء الذين يتطلعون لفرصة حياة افضل قبل أن يرحلوا عن عالمنا ... و دعنا نطفئ معك الشموع , ونغني من قلوبنا ..(سنة حلوة يا .. جميل)