مولده بذكرى مولد الصديقة الزهراء (عليها السلام) في الخامس عشر من شهر جمادى الأولى في عام 1327 هـ بكربلاء المقدسة، ووفاته بذكرى وفاتها في الخامس عشر من شهر جمادى أيضاً عام 1394 هـ الموافق 6 / 6 / 1973 م وبين الولادة والوفاة مسيرة طولها سبعاً وستين عاماً حافلة بالعطاء والعظمة وكأن الإرادة الإلهية شاءت أن تنطلق هذه المسيرة المظفرة مع الزهراء وولائها حتى أصبح عبد الزهراء اسماً على مسمى وكأن فيه قول القائل:
يـــا قـــوم قلبي عند زهــــــراء***يـــــقصده الـــــسامـع والرائي
لا تـــدعني إلا بــــــيا عــــبدها***فإنــــــه أشـــــــرف أسمائــــي
من أساليب التكريم التي سلكها أئمة أهل البيت (عليهم السلام) لتخليد أصحابهم ربط أسمائهم بعمل من الأعمال الخالدة التي تمارس بمرور الليالي والأيام أبد الدهر، كما خلد كميل بن زياد النخعي بدعاء أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي يقرأ في كل ليلة جمعة فلا يقال عنه دعاء أمير المؤمنين وإنما دعاء كميل. وخلد أبو حمزة الثمالي بدعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) في أسحار شهر رمضان الشهير بدعاء أبي حمزة، وهكذا نرى اقتران هذه الأسماء اللامعة لطلائع الجهاد والعقيدة بهذه الأعمال الجليلة الخالدة.
أما شيخ القراء الخطيب الراحل الشيخ عبد الزهراء الكعبي فقد خلّده الحسين بقراءة المقتل الذي يعتبر من أهم الوثائق التاريخية لملحمة كربلاء الدامية. وقد تفرد الكعبي في عرض قصة المقتل بطريقته الثاكلة وأسلوبه الحزين، حتى أصبح المقتل ركناً من أركان الشعائر الحسينية، وقطباً من أقاب أعمال عاشوراء، وفاعلية هامة من فاعليات المنبر الحسيني. وكانت السنة الأولى من المقتل عام 1371 هـ بجوار حرم الإمام الحسين (عليه السلام)، الذي يصور كيف رسم الحسين معالم الحرية والكرامة بدمه الزكي، ثم يصور تلك الوثيقة لأعمال وحشية وممارسات بربرية التي ارتكبتها السلطات الأموية نحو أهل بيت النبوة. وللشيخ الكعبي باع طويل في الأدب العربي بقسميه الفصيح والدارج فقد ذكر المرجاني في كتابه خطباء المنبر أن له ديوان شعر تحت عنوان: (دموع الأسى) لايزال مخطوطاً. وقد هجمت عليه المنية، وباغته ريب المنون بعد ارتقائه المنبر يؤبن الزهراء بذكرى وفاتها. والتحق بركب الحسين مع الشهداء والصديقين. فسلام عليك وعلى روحك الطيبة وجسدك الطاهر.
وطبتم وطابت الأرض التي فيها دفنتم وفزتم فوزاً عظيماً.