أدركت إسرائيل بعد حروبها الأخيرة في لبنان وغزة أن التحدي غدا مختلف وهي بالتالي تبحث سبل الاحتفاظ بتفوقها في ميزان الرعب الذي يصر حزب الله على أن يظل ندا لها فيه, كما جاء في تحليل لصحيفة كريستيان ساينس مونيتور حاولت فيه جمع جوانب الموضوع.
في البداية قالت الصحيفة إن الردع والردع المضاد حددا معالم الصراع العربي الإسرائيلي لعقود, مشيرة إلى أن إسرائيل عولت في هذه الفترة على تهديد أعدائها العرب باستعمال القوة المفرطة.
وأضافت أنها أظهرت قدرتها على ذلك عبر سحقها جيوشا عربية في حروب خاطفة, لكنها اليوم تكافح من أجل وجود وسائل ردع لجيل جديد من الأعداء يمتهن حرب العصابات في دويلات داخل دول مثل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الفلسطينية وحزب الله اللبناني, خاصة أن هؤلاء لا تخيفهم القوة الإسرائيلية لأنهم معبؤون أيديولوجيا وليست لديهم مسؤوليات دول, على حد تعبيرها.
وفي سياق الحديث عن التجاذبات المتعلقة بهذه المسألة, قالت الصحيفة إن حزب الله لم يف بعد بوعده في الثأر لمقتل قائده العسكري عماد مغنية الذي تتهم إسرائيل باغتياله.
وأشارت إلى أن إسرائيل رغم اتخاذها جميع التدابير الأمنية قبيل الذكرى الأولى لمقتل مغنية, فإن مسؤوليها ما فتئوا يدعون أن ما يردع حزب الله عن الثأر لقائده هو تهديد إسرائيل بالرد المدوي على أي هجوم أو عملية ينفذها الحزب ضدها.
ونسبت لرئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية العميد آموس يادلين قوله قبل أسبوعين أمام مجلس الوزراء الإسرائيلي "لدى حزب الله الرغبة الجامحة للثأر لمقتل مغنية.. لكنه لا يريد أن يبدأ الحرب".
وعن ما ينوي حزب الله فعله في هذه الحالة, نقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن الحزب اللبناني سيرد على اغتيال مغنية بصفعة إستراتيجية محسوبة لردع إسرائيل عن تنفيذ مزيد من الاغتيالات ولإعادة توازن الردع بين العدوين.
هذا ما تؤكده المتخصصة في شؤون هذا الحزب آمال سعد غربية حين تقول "الرد على تلك العملية ضرورة إستراتيجية لحزب الله بل إن عدم رده قد يكون بمثابة انتحار له".
ويؤكد ما ذهبت إليه غريبة -حسب الصحيفة- قول زعيم حزب الله حسن نصر الله في مؤتمر صحفي قبل أسبوعين "من الضروري أن نرد على مقتل الزعيم الشهيد.. مغنية لمعاقبة القتلة".
لكن كريستيان ساينس مونيتور نقلت عن محللين تنبيههم إلى أن الهدف الذي سيضربه حزب الله وتوقيت عمليته المحتملة يخضع أكثر من أي شيء آخر لالتزاماته المتعددة والمتعارضة أحيانا حيال دوائره الانتخابية الشيعية وحلفائه السياسيين المحليين ومصالحه الأيديولوجية, ناهيك عن ظهيريه سوريا وإيران.
الصحيفة ذكرت بالصفعات القوية التي تلقتها قوة الردع الإسرائيلية في السنوات الأخيرة بدءا باضطرارها إلى الانسحاب من جنوب لبنان ومرورا بالدروس القاسية التي تعلمتها من حرب لبنان 2006 وانتهاء بحربها الأخيرة على غزة التي تقول الصحيفة إنها تدل على أن إسرائيل لم تستوعب الدرس اللبناني.
ونقلت في هذا الإطار عن المحلل العسكري آنتوني غوردسمان قوله "لا يبدو أن إسرائيل كانت جاهزة بما فيه الكفاية للأبعاد السياسية للحرب الأخيرة كما لا يبدو أنها كانت تمتلك خطة واضحة وزعامة متماسكة لجعل حد لوقف تلك الحرب, زد على ذلك أن هذه الحرب قربت العالم العربي أكثر من منظور إستراتيجي لساحة القتال, مما سيزيد من اضطراب المنطقة ويؤدي في نهاية المطاف لجعل الأمن في إسرائيل أكثر هشاشة".
أما حزب الله فإن كريستيان ساينس مونتور أكدت أنه وعى منذ زمن بعيد قيمة الردع, مشيرة إلى العملية الانتحارية التي استهدفت السفارة الإسرائيلية بالأرجنتين وراح ضحيتها 29 شخصا بعد شهر من اغتيال إسرائيل زعيم حزب الله الشيخ عباس موسوي في فبراير/شباط 1992.
وختمت بالقول إن "ميزان الرعب" الذي يحرص حزب الله على أن يظل ندا فيه لإسرائيل تجلى أيضا في قول نصر الله قبل أسابيع إن الصهاينة لو هاجموا لبنان مرة أخرى فسيكتشفون أن حرب 2006 كانت نزهة مقارنة "بما أعددناه للرد على أي عدوان جديد".
المصدر: الصحافة الأميركية