الراى


جعفر رجب


العربي حر، يكتب عن فساد وزراء حكومته، ويشتم رئيس وزرائه، ويصرخ في وجه المستغلين لبلده، ويتظاهر كل يوم امام قصر الزعيم لاعنا أجداده، وينام مرتاحا دون خوف من ان يطرق الامن بابه... الا في دمشق!
العربي أدمن الصناديق الانتخابية، وبين كل انتخابات وانتخابات...انتخابات، حتى بات يذهب الى صناديق الاقتراع كل صباح، ليصوت قبل الذهاب الى عمله... الا في حمص!
العربي مواطن محترم، لا تدعسه الاحذية العسكرية، ولا يختم قفاه كف من شرطي، ولا يركل كلما مر بقرب رجل امن، ولا يبصق في وجهه كلما دخل مركز شرطة، ولا تهان كرامته ان طلب انجاز معاملته من موظف حكومي... الا في درعا!
العربي يشعر بالمساواة، لم يرم بالسجن لطائفته، ولا تدوسه الدبابات العسكرية لانه مشرك، ولا تمارس ضده العنصرية للونه، واصله، ودينه، وعائلته، ولا يشتم، ويلعن، ويكفر، ويخون... الا في حلب!
العربي يعيش أبهى الازمان، يقود سيارته الوطنية ليركب طائرته التي صنعتها ايادي العرب، ليتجول في بلاد العرب، يفطر في الخرطوم، ويتغدى في عمان، ويتقيل في صنعاء، ويتعشى في الرباط، فكلها مدن التطور والرقي... الا اللاذقية!
يبدو ان العرب عربان «عرب نجب، وعرب جنب»، وشعوب تستحق ان تقف معها الجامعة العربية، وشعوب تنام عند بابها الجامعة العربية حتى تمنع الاخرين من سماع «صرخات بكارتها»!
العرب عربان، عرب من حقهم ان يقتلوا شعوبهم، ويسحلوا اجسادهم في الشوارع، ويقطعوا رؤوسهم امام الاشهاد، ويملأوا سجونهم بالمشتبهين، ويغتصبوا النساء، وييتموا الاطفال... وعرب لا يحق لهم ذلك، لانهم لا يملكون صكوك الغفران من القديسة هيلاري، ولا من البابا اوباما!
كل انظمة المخابرات العربية، لا يساوون عندي «عفطة عنز»، وكل قرارات الجامعة العربية لا تساوي نعل صبي يلعب في أزقة المخيمات الفقيرة، ولكني يا قوم استغربت من شجاعتهم المضرية، وحنانهم الابوي، وروحهم الثورية، حتى خيل لي ان الجامعة العربية يديرها غاندي ومانديلا ومارتن لوثر كينغ... وليست عصابات تلطخت ايديهم بدماء شعوبهم، انظمة تتباكى على الشام، ولا تسمع سمع انين المعتقلين في صحاريها... يا سادتي انا مندهش... الشعوب العربية نظيفة، فمن أين أتت كل هذه الوساخات؟!