مجزرة بئر العبد تغتال محبي فضل الله ومريدي
أوردت وكالة الاستخبارات الأمريكية عدداً من التقارير تُحمّل فيها سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله المسؤولية المباشرة عن سلسلة من الهجمات التي طاولت المنشآت الأمريكية في لبنان عامي1983 و1984، بما فيها مساهمته في اتخاذ قرار تفجير مقر قيادة المارينـز في بيروت، والذي أدّى إلى مقتل مئتين وواحد وأربعين جندياً أمريكياً، وأوردت في هذا الصدد استقباله ومباركته للرجل الذي قاد الشاحنة المفخخة في الهجوم. (السفير14/5/1985).
ولتفادي مثل هذه الهجمات، تداولت السلطات العليا الأمريكية في الأمر، ورأت أنّ الخيار الأفضل لمواجهة المسؤولين عنها هو اعتماد العمليات الأمنية السريّة في العالم بدلاً من اللجوء إلى القوة العسكرية المباشرة كاستخدام مدافع البارجة نيوجرسي، التي كانت ترسو في البحر مقابل شواطىء بيروت، أو الغارات الجوية التي قد تُحدث دماراً شاملاً وخسائر مادية وبشرية تكون بمثابة أعمال عدوانية فاضحة قد ترتدّ بشكل سيّىء على سمعة الولايات المتحدة ومصالحها في العالم.
وفي ضوء ذلك، نشأت فكرة تدريب ودعم فريق سريٍ ما، سيجنّب ـ برأي المصادر الأمريكية المطلعة ـ احتمال تغطية تلفزيونية حية للعمل العسكري الأمريكي، كما سيتفادى الاستخدام العلني للقوة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، التي تتزايد فيها مشاعر العداء للولايات المتحدة وعمليات "الإرهاب" ضدها.. وإلى ذلك، فإنه بالمقارنة مع البدائل الأخرى، فإنّ فريقاً أمنياً صغيراً سيكون أقلّ الخيارات كُلْفَة. (السفير14/5/1085 ـ تقرير الـ"واشنطن بوست").
ولما كانت الولايات المتحدة الأمريكية تخشى من ردّ فعل ضدّ الأمريكيين العاملين في لبنان، رأت مصادر الاستخبارات أن تقلّل من أهمية علاقة الـ"سي.آي.إيه" بالوحدات المناهضة للإرهاب. (نيويورك تايمز ـ السفير14/5/1985).
ومن هنا وافق الرئيس الأمريكي، رونالد ريغان، في أواخر1984، على عملية سريّة تخوّل وكالة الاستخبارات المركزية تدريب ودعم عدد من الوحدات المضادة للإرهاب مهمتها ضرب "الإرهابيين" المحتملين قبل أن يستطيع هؤلاء مهاجمة المنشآت الأمريكية في الشرق الأوسط. (السفير14/5/1985).
المسؤول عن المجزرة؟!
وتركز المصادر أنّ واحداً من هؤلاء الضباط هو من نقلت عنه صحيفة الـ"واشنطن بوست" قوله: "إنّ جهازي هو من قام بعملية التفجير ضد السيد محمد حسين فضل الله في 8 آذار الماضي، وأعتقد أنه تمّ القيام بها لإظهار أننا أقوياء، إذ عليك أن تعمل على وقف الإرهاب بالإرهاب". (السفير15/5/1985).
وحاولت الإدارة الأمريكية التنصل مما نشرته صحيفة الواشنطن بوست، ولكن الوكالة تبنّت من حيث لا تدري ـ أو ربما من حيث تدري ـ انفجار بئر العبد في 8 آذار1985 عندما وصفته بـ"عملية مضادة للإرهاب"، بدلاً من أن تصفه بأنه "عملية إرهابية"، وجاء ذلك في ظرف كان ينبغي للاستخبارات وفق ما أعلنه أحد المسؤولين في إدارة ريغان أن تمتنع عن إصدار أي تصريح، ورغم النفي المتسرع للوكالة فقد كان واضحاً تحمّلها المسؤولية، ما أضفى قدراً أكبر من المصداقية على تحقيق الـ"واشنطن بوست" على التصرفات التي قامت بها وكالة الاستخبارات الأمريكية وجاءت مخالفة لنفيها الرسمي.(الكفاح العربي 20/5/1985).
ومن ناحية أخرى، فإنّ الـ"نيويورك تايمز" وصفت البيان الذي أصدرته الـ"سي.آي.إيه" ونفت فيه مسؤوليتها عن تدريب منفذي عملية التفجير في منطقة بئر العبد، بأنه بيان "لا يتجه إلى صلب الموضوع"، وتركّز نفي الـ"سي.آي.إيه" على أنها لم تقم بتدريب من قاموا بعملية التفجير، في حين أن البيان لا يتضمن نفياً محدداً في أن الوكالة كانت تعمل مع الاستخبارات اللبنانية".
وتنحو في هذا الاتجاه صحيفة "مونتريال غازيت" الكندية التي ذكرت أنّ قول وكالة الاستخبارات "بأنها لم تكن ترغب في وقوع العملية، إنما هو مجرد تبرير لسياسة سيئة".
أما عن تورّط أحد فروع الاستخبارات السعودية مع الاستخبارات المركزية الأمريكية في محاولة قتل السيد فضل الله في انفجار بئر العبد، فقد جاء في أحد الشهادات الأمريكية النادرة، والتي وردت في كتاب "الحجاب".. الحروب السرية للـ"سي.آي.إيه" 1981 ـ 1987، الذي كتبه مدير تحرير صحيفة الـ"واشنطن بوست" بوب وودورد: "إن المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وليم كايسي، ساعد شخصياً الاستخبارات السعودية على تنفيذ ثلاث عمليات سرية، الأولى مساعدة تشاد في مواجهة ليبيا، والثانية إحباط الآمال الانتخابية للحزب الشيوعي الإيطالي في أيار عام1985، أما الثالثة فهي محاولة اغتيال السيد محمد حسين فضل الله في 8 آذار 1985 في سيارة ملغومة أسفرت عن مصرع 80 مدنياً في بئر العبد".
حمى الله السيد فضل الله ليكمل المسيرة الجهادية المقاومة ولينير لنا الطريق فكانت سنوات حياته عطاء حتى اللحظات الاخيرة منها
فسلام عليه شهيدا مقاوم ارعب الاستكبار العالمي واللقليمي فكان بحق شهيدا حي