قناة الجزيرة هي تجربة فريدة في الحقل الإعلامي في دولنا العربية بكل ما تحمله هذه الدول من مشاكل و أزمات , و نحن كعرب شعوب و أنظمة على اختلافها و تنوعها لم نكن مهيئين لمثل هذه التجربة و لا حتى الذهنية العربية على صعيد الأفراد و المثقفين و النخب و حتى الدول لم تكن قد تعودت على مثل هذا النوع من الإعلام و نحن و أن تحرينا الموضوعية نجد أن الجزيرة أطلت علينا بلواء المصداقية و الشفافية و الرأي و الرأي الأخر و نجدها أخذت حيز كبير في ما يجري في فلسطين و أفغانستان وحتى العراق و صار الرأي العام خاضع لمزاج هذه القناة لا بل هو من صناعتها في بعض الأحيان .
و حين أطلت علينا وسائل إعلام أخرى مثل العربية و bbc cnn nbc و هي قنوات تحمل أجندات واضحة و لها مسارات إعلامية و تريد صناعة رأي عام و تسويقه في المنطقة ... هنا تغيرت سياسة الجزيرة أو بالأحرى توضحت و أصبحت في منافسة مع هذه القنوات في إعادة تشكيل الرأي العام العربي و صناعته وفق مزاج و أجندات محضرة مسبقا و بحكم خبرة الجزيرة الزمنية و (المهنية) نجدها تفوقت أكثر و أضحت تجربة عالمية خرجت من الخاصرة العربية الرخوة في مجال الإعلام و صناعة الحقيقة و أصبح لها رواد ومتابعين و مؤيدين كأنها كاهن أو صوفي صادق بالمظهر فقط يغري الناس بزخرف القول غرورا
ومن وحي هذه التجربة الفريدة و المؤثرة أطل علينا بالأمس أحد الأثرياء اليهود ليقول بأنه يريد حمل اللواء عن الجزيرة في صناعة الرأي العام و أعادة تشكيله و فرزه و تسويقه عن طريق أنشاء قناة يهودية تحمل اسم الجزيرة اليهودية و بهذا يصبح لزاما على الجزيرة الدخول في منافسة أخرى أكثر مكرا و خبثا على تسويق الشعب اليهودي المظلوم على قاعدة الرأي و الرأي الأخر و مناصرة المظلومين و طبعا ضمن الموضوعية و المهنية التي تكون على مقاييس الجزيرة
و من هنا نجد أن الإعلام مهما تجمل و سوق لألفاظ براقة و لامعة عن الموضوعية و الشفافية و الحيادية و المهنية نجده بعيدا كل البعد عن هذه المثل و القيم لأنه بالنهاية هو مشروع غير رابح و بحاجة لممول و داعم و مدافع و مستفيد و هنا يتحكم رأس المال في الرأي لا و أحيانا يصنعه و يفبركه وعليه تكون الجزيرة أكثر وسائل الإعلام قدرة على تغير جلدها و سلب عقول المشاهدين العاديين عن طريق أخراج بعض النخب و المثقفين الذي يتمتعون بالمصداقية عند الجماهير ليكون في العلن أصحاب مواقف و من خلف الظهور هم مأجورون و مدعون يتفوهون بما يوضع على ألسننهم من سم زعاف له التأثير البعيد الأمد و غسل الأدمغة البسيطة والجزيرة أطلت برأسها البغيض بوضوح وعلانية في الثورة المصرية حين تعاملت مع النظام بكيدية و خبث و ساهمت في إسقاطه و نحن لا ندافع عن النظام البائد لكن من باب سد الذرائع و لم يكن هذا الشرف لها كما هو للمصريين بل هو عار على مؤسسة تدعي المهنية التي لا تجيدها أساسا
و بهذا التسجيل تكو الجزيرة كقناة كشفت عن سوءاتها و ألقت ورقة التوت التي لم تعد هي بحاجة لها أصلا في ظل الحراك المحموم لوسائل الإعلام لتغير الواقع العام في المنطقة ... لنقول أخير للجزيرة ( قضي الأمر الذي فيه تستفتيان )