طلعت على الدّنيا حساماً مهنّدا | | فعاشتكَ حيناً ثم عاشت على الصدى |
ولستَ ببانٍ بالحجـارة معبـداً | | إذا لـم تشيِّد بالجوانـج معبـدا |
جثا الدَّهر في أعتابك الشمّ راكعاً | | ولا غرو إنّ الظّهـر أثقله النـدى |
وضعتُ لمعناكَ الحروف فلم تطق | | جلاءَك فاستجليت معنـىً مجـرَّدا |
فعشتَ بذهني صورةً لا أرى لها | | بمحـدودة الألفـاظ أن تتقيّـدا |
تمجَّـد قـوم بالخلـود وإنّنـي | | رأيت بمعنـاك الخلـودَ مخـلـّدا |
لقد أخذت منك الدّوائر شكلها | | فليس لمرآهـا انتهـاءٌ ولا ابتـدا |
ويولد من يفنـى وأنت تأصـلٌ | | فما مت يومـاً كي نحدّك مولـدا |
* * * * |
حسينٌ وربَّ اسمٍ إذا ما لفظتـه | | يرنّ بسمـع الدّهر مهـما ترددا |
كمثل شعاع الشمس ما اخلولقت له | | بيومٍ معـانٍ كـي يقـال تجددا |
أفـاق عليه الدَّهر يوماً فراعـه | | طـراز تعـدى سنخه وتفـردا |
فيا واحداً من خمسةٍ إن رأيتهـم | | رأيـت بهم في كل وجهٍ محمـدا |
حديث الكسا ترنيمة الحق فيهمُ | | روى الذّكر فيها الاحتفاء وغرّدا |
سما فلكٌ تنمى إليـه فلم يكـن | | لينجبهـا إلا شمـوساً وفرقـدا |
أيا مطعم الدّنيا بغمرة جوعهـا | | ترائب ما أطبقن إلا على الهدى |
أعدَّت بك الأيام زاداً لفقرهـا | | إذا جاع دهرٌ أمـه فتـزودا |
وألفت بك الدنيا الكمال لنقصها | | فأشبعتها عزماً وحزماً وسؤددا |
وواجهت حتى قاتليـك برحمـةٍ | | تفـجر بالصّمّاء نبعاً مصـردا |
وقلب يعير الرمح عطفاً وإن قسا | | وأكثـر فيه الطّعن حتى تقددا |
وتلك سمات الأنبيـاء تسامـحٌ | | وروح يُفيض الحبَّ حتى على العدا |
* * * * |
أيا واهباً أعطى الحيـاة بنهجـه | | إذا لزها الإعنـات نهجاً مسدَّدا |
وعلَّمنـا أنّ الفـداء فريضـةٌ | | إذا افتقر العيش الكريم إلى الفدا |
لمحتُ رسومَ المجد بيضاءَ حـرةً | | على كلِّ عضوٍ منكَ قطِّع بالمُدى |
فأكبرت فيك الدَّم أسرح شعلةً | | بقلـب ظلام الليل حتى تبـددا |
ومجدتُ جرحاً في جبينك شامخاً | | يهـز الجباهَ الخانعات لتصعـدا |
ويا ربوات الطّف ألـف تحيـةٍ | | لأيـام عاشوراء تختال خـرّدا |
ورعياً ليوم كلَّما طال عهـده | | أراه بما أعطـى يعـود كما بدا |