يامن توسّدَ بالطفوفِ مُرَمّلاً
ساروا وأشفارُ المنايا قبلَهمْ = تحدوبهم ْنحو الرّدى اصْرارا
مِن كلّ ِضرغامٍ ومِن صيد ِالعُلا = تخِذ َ القساطلَ في الإباءِ قرارا
لقي الحِمام َ كأنَّها سُبُلَ النّجا = حتى غدَا لا يملك ُ الأعذارا
فتسابقتْ تلكَ النفوسُ بجودِها = شرفاً لتتخذَ الدّما تِذْكارا
وهَوَتْ على أرضِ الطفوف بوقفةٍ = نالت ْبها شرفَ الرّضى ايثارا
قلْ للعوادي اليومَ لاتتبختري = الله ُ أرسَلَهُم ْ لنا أنوارا
فَبَنى لهُمْ فوقَ الطفوفِ مآذِناً = تبقى على رغمِ العِدا أقمارا
لمْ يُبْلِها خسْف ُالرّدى في كربلا = صارتْ مناراً في الدُّنا وخيارا
تُحْنى القلوبُ ببابِها وبرِكْنِها = والكلُّ يدخل ُ بالأسى اسْتعْبارا
هذي مَناراتُ الهُدى في كربلا = تأبى الخنوعَ وتدحرُ الأشرارا
وأظنّها تحكي بطولةَ فتيةٍ = طلبوا الخلودَ إلى الرسولِ جوارا
يفدون بالأرواح ِ خيرَ عقيدة ٍ = ويذللونَ لأجلنا الأخطارا
إنّ الذي خطّ الجهادَ على الملا = جعل التخاذل َفي الوغى أوزارا
جعلَ الحسينَ عقيدةً أبديةً = كالقطبِ يأتيه السّنا مُختارا
قد كانَ كهْفا للعبادِ وملجأً = وسفينةً ومَعاجزاً ومَنارا
نالتْ سفينتهُ قراراً أوحَداً = يتصدرُ الأنباءَ والأخبارا
فتمسّكوا فيها وإنْ كان الردى = حتفاً على كلِّ الدُنا ودَمارا
هي منزلُ القلب الشغوفِ الى العلا = ليعيشَ في جناته استقرارا
سُفُنٌ إلى الجناتِ تحملُ ظعْنَها = بالمؤمنين ولا ترى الخوّارا
أمَعاشِرَ الأقوامِ لاتتخلّفوا = عنْ عُصْبةٍ جعلتْ لكم ْ مِضْمارا
هيا اجعلوا فكرَ الإمامةِ منهجاً = للكونِ يبقى آيةً وشِعارا
هذي عقيدتهم بنهجِ محمّدٍ = ولطالما كشفوا لنا الأسرارا
نزلوا ليومَ كريهةٍ في كربلا = تاللهِ كانوا سادةً أخيارا
مثل الكواكبِ والنجوم ِ توزّعوا = حولَ الحسين ِ بواسلاً أنصارا
هذا على فرسٍ ذلولٍ في الوغى = حتى لكدتُ أخالهُ الكرارا
أو ذاك يقتحم ُ الجموعَ بصَدرهِ = ذَهَلَ العِدا، لم ْ يعرفوا ماصارا
في قلبه ِ بأسٌ وفي صمصامهِ = حتف ُالمنية ِسابق َالأطيارا
للهِ ملحمةٌ هزَمْتَ جيوشَها = وَجعَلْتَ بين ربوعِها آثارا
فالموتُ هلّلَ فاتحاً أبوابَهُ = جمَْراً ، تمثّلَ صاعقاً أو نارا
ركِعتْ لمقدَمِكْ الفحولُ تذلّلاً = طلبوا الحتوفَ النازلاتِ فرارا
رَوّيْتُهمْ ريبَ المنونِ مع اللظى = ومنعتَ عنهم في السّما أنهارا
وفَصَلْتَ عن أجسادِهِمْ أرواحَهُمْ = مثلَ المعالمِ واجهت ْ اعصارا
نالوا المذلةَ في الحياة وبعدِها = لَبِسوا المهانةَ في الوجودِ وعارا
أما الرجالُ المؤمنونَ تسابقوا = ذا يمتطي فرَساً وذلك سارا
فتقوّضتْ للدين بعدَ رحيلِهمْ = قمَمٌ ليحكمَ في الدنا أشرارا
لمّا مضى خيرُ الورى في كربلا = يدعو الجميع َ لدربهِ ثُوّارا
لكنّهم ْ خانوا مواثيقَ الهدى = وتنكّروا لعُهودِهِمْ انكارا
وتنافسوا في ظلمِ سادات ِالورى = والظلمُ يبعثُ في الحياةِ دمارا
تلك الشموس ُالطاهراتُ على الثرى = قدْ طالها خسْفُ الزمانِ نهارا
مِن ْ كلِّ ليثٍ في الوغى وأكفّهُ = فاقتْ على ديمِ السّما مِدرارا
أمّا الفواطمُ تستجيرُ بدَهْرِها = أعَلِمْتَ دهراً قلّمّ الأظفارا
مِن بعدِ ماسارت ضعونُ محمّدٍ = للأسرِ ترنو يمنة ً ويسارا
مذهولةً مما جرى في كربلا = مفجوعةً تروي المصابَ جِهارا
وَرِثتْ مصائبَ عترةٍ نبويةٍ = تبقى ، ولنْ ينأى الأسى اشبارا
تلكَ الفجائع ُ لازمتْ رحلُ الهُدى = لهفي عليهم في المسير حيارى
فالارض تنعى والكواكبُ تندبُ = وتنوحُ أملاكُ السّما استمرارا
فتكادُ مِن شجوٍ على سِبطِ الُهدى = تُبكي الغيورَ وتُفجعُ المُختارا
يامن توسّدَ بالطفوفِ مُرَمّلاً = ضجّت عليكَ الكائناتُ جهارا
ناحتْ عليكَ الثاكلاتُ وقبلَها = بَكَتِ السماءُ تفجّعاً أدهارا
هيهاتَ ننسى ماجرى في كربلا = بل ْ كيف ننسى سادةً ومَزارا
ساروا بعَرْصَةِ كربلا وتقدّموا = ساداتَهُمْ عند البرازِ فَخارا
هتفوا ببِِسْمِ اللهِ ثمّ محمدٍ = ووليّهِ والطاهرينَ مِرارا
نالوا بها شرفَ الخلودِ وجنّةً = في النشأتين ِ وسُنْدُساً ونُضارا
متسابقينَ إلى النعيمِ وبعدَهُمْ = سبطُ النبوةِ أكملَ المشوارا
صلّى الإلهُ على الحسينِ وصحبهِ = إنّ الصلاةَ ترفعُ الأخيارا