معركة جديدة تشهدها الكويت بين الإسلاميين والليبرالين. مسرحها، كما جرت العادة خلال السنوات الماضية، قبة مجلس الأمة، الذي لا يكاد يخرج من أزمة حتى يقع في أخرى، ذلك أن النجاح الذي حققته النساء الكويتيات بالدخول للمرة الأولى إلى مجلس الأمة في انتخابات أيار الماضي، يواجه تحدياً جديداً. فبعد احتجاج النواب الإسلاميين على عدم التزام النائبتين الفائزتين، رولا دشتي وأسيل العوضي، الزيّ الإسلامي وفق نص المادة الأولى من قانون الانتخابات الكويتي، تفاعلت القضية خلال الأيام الماضية عقب صدور فتوى عن وزارة الشؤون الإسلامية تؤكد أن الحجاب فرض على المسلمات. فتوى زادت مطالبات من يُعرف بـ«نواب التأزيم» بتطبيقها على النائبات.
فتوى كان وراء صدورها سؤال برلماني تقدم به النائب محمد هايف لوزارة الأوقاف عن ماهية اللباس الذي ينبغي للمرأة المسلمة أن ترتديه، مع ما يعنيه ذلك من إدخال الحكومة طرفاً في الخلافات البرلمانية. وإثر نشر جواب وزارة الأوقاف، انطلقت الدعوات التي تطالب النائبات بالتزام مضمون الفتوى، على الرغم من عدم إلزاميتها. هجوم قابلته النائبة دشتي بمبادرة فاجأت المجتمع الكويتي، إذ قدمت اقتراحاً لتعديل القانون الانتخابي لإلغاء شرط
العوضي: الكويت دولة مدنية يحكمها القانون ولا تحكمها الفتاوى الشرعية
تقيد المرشحات والناخبات بالشريعة الإسلامية للمشاركة في الحياة السياسية. وبررت دشتي اقتراحها بأن شرط فرض التزام الضوابط الشرعية الإسلامية، الذي أدخل قبل أربع سنوات على قانون الانتخابات بعد منح المرأة كامل حقوقها السياسية، هو مخالفة دستورية. وأوضحت أن «الدستور يدعو إلى المساواة بين الجنسين ولا يشير إلى الضوابط الشرعية». وشددت على أن «الفتوى غير ملزمة للمجتمع الكويتي»، وأن «المرجعية الوحيدة بالنسبة إلينا هي الدستور»، الذي اعتمد في 1962.
أما النائبة المعنية الثانية، أسيل العوضي، فنقل عنها قولها إن الإجبار على ارتداء الحجاب هو قضية غير دستورية وغير قانونية، موضحةً أن الكويت دولة مدنية يحكمها القانون ولا تحكمها الفتاوى الشرعية. كذلك أكدت أنها ستطبّق الحكم الذي سيصدر عن المحكمة الدستورية «مهما كان»، معربةً عن ثقتها واقتناعها «بوعي القضاة بأبعاد الحكم، حيث يمكن أن يشمل كل الموظفات في مؤسسات الدولة المختلفة».
بدورهما، عبّرت النائبتان، معصومة المبارك وسلوى الجسار، اللتان ترتديان الحجاب، عن تضامنهما مع زميلتيهما في مجلس الأمة، ووضعتا القضية في عهدة المحكمة الدستورية صاحبة الاختصاص في تفسير المواد الدستورية والقانونية. كذلك انضم الليبراليون إلى داعمي النائبتين. وأصدرت قوى المجتمع المدني بياناً عدّت فيه فتوى الأوقاف تعزيزاً «للخلل الدستوري»، و«تجسيداً للممارسات غير القانونية والخلط المتعمد للسلطات التي حرص الدستور على فصلها تماماً».